كانت بدايات عملي مرتبطة ارتباط ًّ جزئيا بالبن وهو القطاع الزراعي الإنتاجي، فكنت أتعامل مع نباتات وأشجار أخرى من فواكه وخضراوات كنبات بشكل عام، وشجرة البن لها جزء كبير في التعامل معها كنبات أو أشجار مشابهة من ناحية الزراعة والأمراض والآفـات والحصاد وما يتعلق بها، إلا أنه لم يخطر في بالي ولو لمرة واحدة أن يأتي يوم وأصبح فيه متخصصا في شجرة واحدة عوضا عن أنواع كثيرة مــن الأشجار التي كنت أتعامل معها.

الصدفـة وحدهـا قادتني إلى دخول بوابة عوالم القهوة، ثم ما لبثت أن تحولت إلى شغف وتحد لم أجد له تفسيرا حتى يومنا هذا، إلا أنني أعمل وسط عالم له العديد من الأوجه، وله تنوع ثقافي وعلمي وعملي وبمزاج عال وتحولات كبيرة واقتصاد ضخم.

من ورشة عمل كنت ضيفا عليها ثم مترجما بالصدفة بعد أن اعتذر المترجم الرئيسي عن الحضور ليتم اختياري لأكون المترجم البديل للمدرب “مانويل دياز” أحد أكبر خبراء القهوة على مستوى العالـم، ثم مرافقا ومساعدا له في عدد كبير من الرحلات إلى مناطق زراعة البن، ثم تلميـذا إلى أن وصلت لرتبة مدرب محترف حاليا، لكن شغف البدايات منذ العام 2012م وإلى هذه اللحظة مازال في أوجه حتى كتابة هذه السطور.

التعامـل مـع شجرة البن لم يكن بنفس تعاملي مع باقي الأشجار كشجرة منتجة فقط، ولسبب بسـيط عرفته من المـرات الأولى لتعاملي مع مزارعي البن.. وهو أنه يحمل أيضا إرثا تاريخيا وثقافيا وقيمة اجتماعية تجعل صاحب البن يزهـو بما لديـه مـن أشجار وتاريخها المتوارث عبر الأجيال، وهذا ما لمسته بسرعة عند التعامل الأول مع مزارعي البن حيث بدأت من هناك بزيادة مخزوني الثقافي والتاريخي لهذه الشجرة المدللة.